انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع يظهر به فتاة وشاب يقوموا بعمل علاقة حميمية في غرفة عائلية لإحدى المطاعم العالمية الشهيرة يقال بأنه مطعم "هرفي".

مايلفت النظر أن الناس تناقلت هذا المقطع وكانه شيء عادي, وأصبح الكل يبحث عن " مقطع هرفي كامل " .

هذه الفضيحة عار وخزي، وتشهير وتشويه، ولو لم يُجنَ منها إلا كونها فرحة للعدو والشامت، وقهراً وغبناً للصديق لكفى.هذه الفضيحة شيء يقشعر منه بدن الإنسانية، ويُدمى لها الفؤاد، حتى لو عدّها عصي القلب تأديباً وتقويماً فسعد بها وسر بوقوفه عليها، وآخر سيسمع بها أو يراها وينصب نفسه راوياً ثقة لها، والثالث سيكشر ويرتعب داخله ويشعر بشيء ومن وخز الضمير ويلوم نفسه لأنه تتبعها. وأياً كنت من هؤلاء، فبالتأكيد سنجمع هنا على أن تلك الفضيحة هي أقصى درجات الإذلال، وهي هاوية وبئس مصير لصاحبها. ومعناها الصريح والمدون في أذهان الجميع أنها «فضيحة» بكل سلاسة وتصريح، وهذا ما لا يجهله أحد، لأن له شرحاً لفظياً وعملياً مطولاً على أرض الواقع وبين الناس، وقد أعدوا له ورشة عمل كبيرة، ولسان حالهم استخدم لها عصف ذهني عظيم بمجرد أن تلوكها الألسن وتتناقلها ليخرجوا بعدد لا حصر له من المعاني والقصص والتفاسير والنتائج والاستنتاجات.



ناهيك عن التكنولوجيا الحديثة اليوم ووسائل البث المباشر والتداول التقني بالصوت والصورة، وأقصد فضائح ال (take away) أو التوصيل المجاني عبر البلوتوث والوسائط المتعددة.
هذه المآسي يبرر بعضهم تناقلها بغرض «العظة والعبرة»، وثان يقول:من باب العلم بالشيء، ولكي لا يغدو «كالأطرش في الزفة» وحين يتحدث من حوله بها يجد انه آخر من يعلم، وآخر كرهاً بالمعنيين فيها «سيشمت» ويغدو للأمر عنده نكهة خاصة، أو طابع وفائدة مختلفة.
في الحقيقة لا أجد مبرراً ولا شفيعاً، ولا بصيصَ هدف سام أو قصداً شريفاً، أو طيبة ورقياً، أو مشاعر إنسانية صادقة تؤيد ناقلاً أو فاضحاً أو مشهراً أو شامتاً.
الفضيحة.. في كتب وقواميس اللغة اسم للفعل «فضح» من «فضحه فأفتضح» أي كشف مساويه، وبكل بساطة هل يوجد فينا ذلك الإنسان الكامل الخالي من العيب والمساوئ؟!.
إن كان هذا الإنسان بيننا فليتقدم نُعطِه شهادة استحقاق لكشف وانتقاد الآخرين!.
الأمر بزعمي لا يعدو عن كونه مجرد تصنيفات لأناس يتكفلهم الله بستره، وآخرون على الهامش لا يعني الناس وضعهم ولا عيوبهم، بينما ثمة متميزين سقطتهم ثقيلة «كالجمال إن سقطت كثرت سكاكينها».
«الفضيحة» التي عنونت بها المقال، وأردت أن أذكرها هي مشهد مشين خليع، ومخل بالأدب والحشمة لعقول تعرت من لباس المنطق والحكمة والإحساس وتمارس الرذيلة في وحل الغباء، وتجاهر بمعصية رب العباد الذي حرم النميمة، وعلى لسان نبيه رداً على من قال: أفرأيت إن كان في أخي ما قلت؟، فقال: فلقد بهته! أي لم يبرئ ساحته ويقل ما دمت صادقاً فأذهب معذوراً محللاً مباحاً.
.. وما بين النميمة والبهتان شهقة محتضر يفصل فيها حساب أخروي توفى فيه كل نفس ما كسبت و«الفضائح» حينها على رؤوس الأشهاد والخلائق، ولا يربح فيها إلا من ستر مسلماً فوعده الله بالستر في الدنيا والآخرة.


ومضة:
يقال: «أسهل نشاط بشري هو التحديق في أخطاء الآخرين».