فَتحُ القُسطَنطينِيَّة أو سُقُوطُ القُسطَنطينِيَّة أو غزوُ القُسطَنطينِيَّة (باليونانيَّة: Άλωση της Κωνσταντινούπολης؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: İstanbul'un Fethi؛ وبالتُركيَّة العُثمانيَّة: استانبول فتحی أو قسطنطينيہ فتحی)، 
هو الاسمُ الذي يُطلق على أحد أبرز الأحداث في التاريخ، وهو سُقوط مدينة القسطنطينيَّة عاصمة الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة (أو الرومانيَّة الشرقيَّة، أو الروم) في يد المُسلمين مُمثلين بالدولة العُثمانيَّة، بعد حصارٍ دام عدَّة أسابيع، قاده السُلطان الشّاب ذو الأحد وعشرين (21) ربيعًا، مُحمَّد الثاني بن مُراد العُثماني، ضدَّ حلفٍ مُكوَّن من البيزنطيين والبنادقة والجنويين بقيادة قيصر الروم الإمبراطور قسطنطين پاليولوگ الحادي عشر. دام الحصار من يوم الجُمعة 26 ربيع الأوَّل حتّى يوم الثُلاثاء 21 جمادى الأولى سنة 857هـ وفق التقويم الهجري، المُوافق فيه 5 نيسان (أبريل) حتّى 29 أيَّار (مايو) سنة 1453م وفق التقويم اليولياني، حينما انهارت دفاعات الروم ووقعت المدينة لُقمةً سائغة بيد العُثمانيين.
شكَّل فتح القسطنطينيَّة خاتمة المُحاولات الإسلاميَّة لضم هذه المدينة إلى دولة الخلافة، والتي بدأت مُنذ أوائل العهد الأُمويّ خلال خلافة مُعاوية بن أبي سُفيان واستمرَّت خلال العهد العبَّاسي، إلى أن تكللت بالنجاح في العهد العُثماني. كما شكَّل هذا الحدث (إضافةً إلى فتح منطقتين روميَّتين أُخريين لاحقًا) نهاية الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وإلى حدٍ أبعد الإمبراطوريَّة الرومانيَّة التي استمرَّت موجودةً بهيئةٍ روميَّة شرقيَّة، بعد أن صمدت طيلة 1,500 سنة تقريبًا. كذلك شكَّل الفتح العُثماني للقسطنطينيَّة ضربةً موجعةً للعالم المسيحي والبابويَّة الكاثوليكيَّة رُغم الاختلاف والخِلاف المذهبي والعقائدي بين الكنيستين الشرقيَّة الأرثوذكسيَّة والغربيَّة الكاثوليكيَّة، ذلك أنَّ المدينة كانت تُشكِّلُ عائقًا وحاجزًا أمام التوغل الإسلامي في أوروپَّا، ولمَّا سقطت أصبح بإمكان العُثمانيين المضي قُدمًا في فتوحاتهم دون التخوُّف من ضربةٍ خلفيَّة تُثنيهم عن أهدافهم.
بعد تمام الفتح، نقل السُلطان مُحمَّد الثاني عاصمة مُلكه من مدينة أدرنة إلى القسطنطينيَّة، وسُمِّيت «إسلامبول» أي «تخت الإسلام»، ولُقِّب السُلطان بالفاتح أو «أبو الفتح». غادر عددٌ كبيرٌ من عُلماء وفلاسفة المدينة، من رومٍ وغيرهم، إلى الدويلات والإمارات والممالك الأوروپيَّة المُجاورة، قبل ضرب الحصار على عاصمتهم وبعد أن فُكَّ عنها، وأغلب هؤلاء حطَّت به الرِحال في إيطاليا حيثُ لعبوا دورًا في إحياء العلوم والمعارف المُختلفة هُناك، مما جعل تلك البِلاد رائدة عصر النهضة الأوروپيَّة.
كان فتحُ القسطنطينيَّة حدثًا مُهمًّا على الصعيدين الإسلامي والعالمي، فعلى الصعيد الإسلامي تحققت نبوءة الرسول مُحمَّد التي يؤمن المُسلمون أنَّه بشَّر بها مُنذ زمنٍ بعيد، وكان ذلك بمثابة تتويجٍ لسلسلةٍ من الانتصارات الإسلاميَّة ودافعًا ومُحركًا قويًّا للجهاد ضد الممالك الأوروپيَّة، وعلى الصعيد العالمي اعتبره العديد من المؤرخين خاتمة العصور الوسطى وفاتحة العصور الحديثة.

نتائج  فتح القسطنطينية


كان لسُقوطُ القسطنطينيَّة دويٌّ كبير، سواء في الشرق أو في الغرب، كما يُعدُّ أحد أكبر وقائع التاريخ العالمي، وحدًّا فاصلًا بين تاريخ العُصور الوسطى وتاريخ العُصور الحديثة.
يقول جمال الدين الكيلاني: "يكاد يجمع المؤرخين أنه بفتح القسطنطينية تنتهي العصور الوسطى الأوروبية وندخل في العصور الحديثة حيث تنبهوا لأهمية تحول المدينة إلى إسلامية حيث شكلت أكبر خطر على أوروبا طول الفترة اللاحقة"

أساطير فتح القسطنطينية


أدّى سقوطُ القسطنطينيَّة في يد المُسلمين إلى ولادة عددٍ من الأساطير، في اليونان خصوصًا، ترتبطُ بهذا الموضوع. ففي ليلة 14 جمادى الأولى سنة 857هـ المُوافقة ليوم 22 أيَّار (مايو) 1453م، حصل خسوفٌ كاملٌ للقمر اعتُبر نذير شؤم وإشارة إلى أنَّ نهاية المدينة قد حلَّت. وبعد أربعة أيَّام تغطَّت المدينة بضبابٍ كثيف، وهذه ظاهرة مُناخيَّة غير مألوفة في هذه الناحية من العالم، وبعد أن انقشع الضباب ذلك المساء، لاحظ عددٌ من الناس ضوءًا غريبًا يتلألأ على قبَّة آيا صوفيا، وفسَّرهُ البعض على أنَّ الروح القدس تُغادرُ المدينة، بينما فسَّره آخرون تفسيرًا أكثر تفاؤلًا، فقالوا أنَّ هذه ما هي إلَّا انعكاسٌ لنيران مُعسكر حاكم المجر يوحنا هونياد الذي أتى لإنقاذ المدينة التعيسة. يقترحُ بعض الباحثون تفسيرًا علميًّا مُعاصرًا لهذه الظاهرة، فقالوا أنَّ تلك الأضواء ليست إلَّا شرر القديس إلمو، وهي ظاهرة مُناخيَّة طبيعيَّة يتسبب بها التيَّار الكهربائي المُختزن بالضباب.
اعتقد عددٌ من الروم بأنَّ كاهنين كانا يتلوان القدَّاس الإلهي بحضور بعض أبناء المدينة في آيا صوفيا عندما دخل العُثمانيّون المدينة، فانشق حائط الكاتدرائيَّة ودخلا فيه مع الأيقونات المُقدَّسة، وفي اعتقادهم أنَّ الحائط ينشق ثانيةً يوم يخرج المُسلمون من القسطنطينيَّة وترجع إلى كنف العالم المسيحي. من الأساطير الأُخرى أُسطورةٌ تُشيرُ إلى «الملك الرُخامي» وهو قسطنطين الحادي عشر، وفي هذه الأُسطورة أنَّ ملاكًا ظهر ما أن دخل العُثمانيّون المدينة وأنقذ الإمبراطور بأن حوَّله إلى تمثالٍ رُخاميّ ووضعهُ في كهفٍ تحت الأرض على مقرُبة من البوَّابة الذهبيَّة حيثُ ينتظرُ أن يوقظه أحد.


المرجع: